بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد..
دعوة إلى إحياء السنة :
ألا فلتعلم الإنسانية قاطبة، والبشرية جمعاء، هذه الصفحات الناصعة، من رحمة الإسلام ورسول الإسلام والسلام عليه الصلاة والسلام، الذين يجدون ذكر شمائله في توراة موسى، وفي بشارة عيسى؛ وليعلم من يقف وراء الحملات المغرضة ضد الإسلام، ورسول الإسلام، وأهل الإسلام، ما يتمتع به الإسلام من مكارم وفضائل، ومحاسن وشمائل، ومدى البون الشاسع بين عالميتهم الآسنة، وعولمتهم المأفونة، في إهدار للقيم الإنسانية، وإزراء بالمثل الأخلاقية.
وهل تدرك الأمة الإسلامية اليوم الطريقة المثلى للدعوة إلى دينها، وإحياء سنة رسولها صلى الله عليه وسلم، إحياء عملياً حقيقياً لا صورياً وشكلياً.
إن حقاً على أهل الإسلام وهم المؤتمنون على ميراث النبوة، أن تصقلهم الوقائع، وتربيهم التجارب، إذ لا تزال الفتن والخطوب مدلهمة على هذه الأمة.
وإذا كانت الأمة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها تتحدث عن شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم فكيف يطيب الحديث ويحلو الكلام ومقدسات المسلمين يعيث فيها أعداء الإسلام من اليهود المعتدين؟
وإن الأمة اليوم بأمس الحاجة في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخها إلى التمسك الصحيح بدينها وسنة رسولها صلى الله عليه وسلم في محبة وتآلف واعتصام، وفي سماحة ويسر ووئام، وبذلك تتحقق وحدة الصف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة على منهج الكتاب والسنة لفهم سلف الأمة رحمهم الله، فلن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وبذلك تنكشف الغمة عن هذه الأمة، وما ذلك على الله بعزيز،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } [الأحزاب:21]
واعلموا -رحمكم الله- أن هذه الشمائل المصطفوية، والسجايا النبوية، ينبغي أن يكون لها تأثير عملي في إصلاح المنهج، وأثر تطبيقي في إحكام المسيرة والبناء، في عصر كثرت فيه المتغيرات، وتسارعت فيه المستجدات، عبر كثير من القنوات والشبكات، فالسنة خير عاصم من شرور هذه القواصم.
وإن الأمة اليوم في حاجة أكثر من أي زمن مضى إلى الاتحاد على منهج الكتاب والسنة، حتى تتلقى الجهود في ميدان واحد، نحو الهدف السامي الذي يسعى إليه كل مسلم، لقيادة سفينة الأمة إلى بر الأمان، وشاطئ السلام، بعيداً عن كل ما يعكر صفو ورودها، وإن كل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام في خدمة دينه وعقيدته وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بحسب مكانه ومسئوليته، فأروا الله -أيها المسلمون- من أنفسكم خيراً.
سيروا بخطى متوازنة، يتوجها العلم الشرعي الذي من خلاله يبنى الوعي الواقعي، لتأخذ هذه الأمة دورها القيادي، ومكانها الريادي من جديد في مقدمة الركب، ولتقود البشرية الحيرى مرة أخرى إلى مواطن العز والشرف، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى، صاحب الحوض المورود واللواء المعقود والمقام المحمود.
من بلغ العلا لجلاله سطع الدجى لجماله
حسنت جميع خصاله صلوا عليه وآله
صلوا عليه صلاة متبع له، محب له، مقتف آثاره، متمسك بسنته، فلا إطراء ولا جفاء، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال تعالى قولاً كريماً في محكم التنزيل،
وصدق القيل: { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } [الأحزاب:56]
اللهم صل على نبينا محمد ما ذكره الذاكرون، وصل عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، اللهم أحينا على محبته، وأمتنا على ملته، وثبتنا على سنته، وأكرمنا بشفاعته، وأوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً، وأنلنا شرف صحبته في عليين، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ...
دمتم بحفظ الله ورعايته
المصدر : درس للشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس