مظاهر الحياء
قال ابن القيم الحياء عشرة مظاهر:
أولاً: حياء الجناية: فمنه حياء آدم عليه السلام يوم فر هارباً في الجنة، قال له الله تبارك وتعالى: (أفراراً مني يا آدم؟ قال: لا، يا رب! بل حياء منك).
ثانياً: حياء التقصير: كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة استحوا وقالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.
ثالثاً: حياء الإجلال: وهو حياء المعرفة، وعلى حسب معرفة الأمة بربها يكون حياؤها منه.
رابعاً: حياء الكرم: كحياء النبي صلى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة
زينب فأطالوا في الجلوس عنده، فقام واستحيا أن يقول لهم: انصرفوا.
خامساً: حياء الحشمة، كحياء المرأة عندما تسأل عن أمور خاصة بها.
سادساً: حياء الاستحقار، كحياء الأمة من ربها حين تسأله حوائجها احتقاراً لشأن نفسها واستصغاراً لها، ولهذا الحياء سببان: أولهما: استعظام الأمة لذنوبها وخطاياها. ثانيها: استعظام المسئول تبارك وتعالى.
سابعاً: حياء المحبة، وهو حياء المحب من محبوبه.
ثامناً: حياء العبودية: وهو حياء ممتزج بمحبة وخوف.
تاسعاً: حياء الشرف والعزة، وهو حياء النفوس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها من بذل أو عطاء أو إحسان.
عاشراً: حياء الأمة من نفسها، وهو حياء النفوس الشريفة العزيزة من رضاها لنفسها بالنقص، وقناعتها بالدون، وهذا أكمل ما يكون من الحياء، فإن التي تستحي من نفسها فهي أجدر بأن تستحي من غيرها. ......
كيف قتلوا الحياء؟
واعلمي أخية! أنهم لم يقتلوا الحياء مباشرة ومن أول طعنة، ولكنهم طعنوه مرات، ورسموا لتحقيق ذلك خطوات، فقالوا لها: لا تخلعي الحجاب، ولكن أخرجي العينين، حتى لا تسقطي في حفر الطريق. ثم قالوا لها: لا بأس بكشف الوجه واليدين، والدين يسر وليس بعسر، فحجاب المرأة الحقيقي في قلبها وليس في وجهها. ثم قالوا: لماذا هذا السواد فوق الثياب؟ لماذا لا تلبسين العباءة المزركشة والمزخرفة؟ ثم ماذا سيحدث لو تغيرت الألوان؟ ثم قالوا: إنك لا تستطيعين المشي في الطريق بحرية لأن الثوب ضيق من الأسفل، فاجعلي لثوبك فتحة من الأسفل. ثم قالوا: لماذا السواد أصلاً؟ البسي ملوناً، ولكن إياك والتبرج. ولم يزالوا بالحياء طعناً حتى قصرت الثياب، وخلع الحجاب، وفتحت الأبواب، وطار الشعر، واختلطت المرأة بالرجل باسم التطور والحضارة فإنا لله وإنا إليه راجعون! قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
[النور:21]. ......
أي حياء هذا؟!!
وإليك أيتها الغالية! بعض الصور التي نراها، والتي تبين أن الحياء قد رحل من بعض نساء المسلمين: -فتجد فتاة مسلمة في أحد المحلات ممسكة بملابس داخلية والبائع أمامها وهي تقول له: أريد أصغر من هذا، فأي حياء هذا؟!! - وأخرى تحجبت حجاباً براقاً وأرسلت خصلتين من مقدم شعرها ليراها من يراها وكأنها لا تدري، فأي حياء هذا؟!! - يلاحظ الجميع تحت العباءة البنطال الضيق والواسع أحياناً، وكلما تحركت ظهر ما تخفيه، أي حياء هذا؟!! - تمر من جانب الرجال وقد أفرغت نصف زجاجة عطر على ثيابها قبل أن تخرج، أي حياء هذا؟!! - يمر عليها الشباب فيقولون لها كلمة إعجاب وهي فرحة بذلك، وما علمت المسكينة أن هؤلاء هم شباب بانكوك، وشباب الإيدز والهربس، فلا يريد أحدهم منها إلا جسدها، ولو أرادها مصونة عفيفة لطرق البيت من بابه، ثم هي تتبسم، أي حياء هذا؟!! - في مكان العمل حيث الاختلاط يأتيها زميلها في العمل ويجلس على طاولتها ويسأل عن أخبارها، ثم هي تذهب إلى مكتبه وتجلس على طاولته وتسأل عن أخباره، أي حياء هذا؟!! أفيقي أخية! وقولي: دعوني فإني أريد حيائي دعوني دعوني فإني أبية! أنا لست ألعوبة في أياديكم. تريدون أن تعبثوا بشبابي. تريدون أن أخلع حيائي. وأخرج ألقى قطيع الذئاب وبعض الكلاب. فتنهشني وأنا حية. أفيقي أخية! يريدون هدم صروح الفضيلة. يريدون قفل المعاني الجميلة. يريدون وأدك والنفس حية. قولي بعالي الصوت: اخرسوا أيها الأدعياء. فأنا لست أقبل هذا الهراء. أنا لست أقبل غير تعاليم ديني ففيها النجاة وفيها الحياة. وفيها السعادة حتى الممات. أفيقي أخية! عن
ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت). وقال عمر رضي الله عنه: من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه. وقيل لـعمر بن عبد العزيز : إذا ذهب الحياء ذهب نصف الدين، قال: لا، بل إذا ذهب الحياء ذهب الدين كله. ......
ولا حول ولا قوة إلا بالله