محبة الله
يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها 13099710
محبة الله
يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها 13099710
محبة الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
قاموس المحبة
مڜړﭬـﻪ ~ «
مڜړﭬـﻪ ~ «
قاموس المحبة


الجِــنْـسُ انثى
عَددُ المُساهماتِ عَددُ المُساهماتِ : 332
نٌـقـًـاط نٌـقـًـاط : 97091
السٌّمعَة السٌّمعَة : 7
تـًاريخٌ التِسجيلِ تـًاريخٌ التِسجيلِ : 02/01/2011

يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها Empty
مُساهمةموضوع: يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها   يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها Emptyالخميس أكتوبر 25, 2012 7:08 am


يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها



تمهيد:
يوم عرفة منَ الأيام الفاضِلة: تُجاب فيه الدَّعوات، وتُقال العَثَرات، ويباهي اللهُ فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يومٌ عظَّم الله أمرَه، ورفع على الأيام قدْره، وهو يوم إكمال الدِّين وإتمام النِّعمة، ويومٌ كهذا - أخي الحاج - حرِيٌّ بك أن تتعرَّف على فضائله، وما مَيَّزه الله به على غيره منَ الأيام.

فضائل يوم عرفة:
1- أنه يومٌ أقسم الله به، والعظيم لا يُقسم إلاَّ بعظيمٍ، وهو اليوم المشهود في قوله - تعالى -: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3]، وفي حديث أبي هريرة: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يومُ عرفة، والشاهد يوم الجمعة))؛ رواه التِّرمذي وغيره، وهو حَسَن.
وهذا الوتر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3]، وفي حديث جابر: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن العَشْر عشرُ الأضحى، والوتر يومُ عرفة، والشَّفْع يومُ النَّحر))؛ رواه أحمد والحاكم وصَحَّحه، ووافَقه الذهبي.

2- أنه اليوم الذي أَخَذَ الله فيه الميثاق على ذُرية آدم؛ فعنِ ابنِ عباس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أَخَذَ الله - تبارك وتعالى - الميثاق مِن ظهر آدم بـ(نَعْمان) - يعني: عَرَفة - فأخرج من صُلبه كل ذُريَّة ذَرَأَها، فَنَثَرَهُم بين يديه كالذَّرِّ، ثم كلَّمهم قِبَلاً، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172، 173]))؛ رواه أحمد والحاكم وصَحَّحه، ووافَقَه الذَّهَبي، وصَحَّحه الألباني، فما أعظمه من يوم، وما أعظمه مِن ميثاق.

3- أنه يومُ إكمال الدِّين وإتمام النِّعمة؛ فعنْ عمر بن الخطاب: أنَّ رجُلاً منَ اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا - معشرَ اليهود – نزلَتْ، لاتَّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، قال عمر: "قد عَرَفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلتْ فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بِعَرَفة يوم الجمعة"؛ رواه البخاري في صحيحه، والسائل: كعْب الأحبار.

4- أنه يومُ عيد لأهل الموقف؛ ففي حديث عقبة بن عامر: أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يومُ عرفة، ويوم النَّحر، وأيام التشريق - عيدُنا - أهلَ الإسلام - وهي أيام أكل وشُرب))؛ رواه أبو داود، وهو صحيح، وصحَّحه الألباني، وعن عمر بن الخطاب أنه قال: "نزلتْ آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ...} [المائدة: 3] يومَ جمعة، يومَ عرفة، وكلاهما - بحمدِ الله - لنا عيد))؛ رواه الطَّبَراني، وابن جرير؛ وعنِ ابن عباس قال: "فإنَّها نزلتْ في يوم عيدين؛ في يوم الجمعة ويوم عرفة))؛ رواه التِّرمذي وغيره، وهو صحيح.

5- أنه يوم مغفرة الذُّنوب، والعِتق منَ النار، والمباهَاة بأهل الموقف؛ ففي حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا منَ النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهِي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))؛ رواه مسلم، وزاد رُزين في جامعه: ((واشهدوا - يا ملائكتي -: أنِّي قد غفرتُ لهم))، وفي حديث جابر: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام أفضل عند الله من أيام.... قال: ((وما مِن يوم أفضل عند الله مِن يوم عرفة، ينزل الله إلى السَّماء الدُّنيا، فيباهِي بأهل الأرض أهلَ السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شُعثًا غُبرًا ضاحِين، جاؤوا من كلِّ فجٍّ عميق، لم يروا رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم أرَ يومًا أكثر عتيقًا منَ النار من يوم عرفة))؛ رواه أبو يَعْلى وغيره، وهو حَسَن.

وفي حديث أنس بن مالِك: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ بعرفات، وقد كادتِ الشَّمس أن تؤوبَ، فقال: ((يا بلالُ، أنصِتْ لي الناس))، فقام بلال، فقال: أنصِتوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنصتَ الناس، فقال: ((يا معشر الناس، أتاني جبريل - عليه السلام - آنفًا، فأَقرَأَني من ربِّي السلام، وقال: إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - غَفَرَ لأهل عرفات وأهل المشعر، وضَمن عنهم التَّبعات))، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاصة؟ قال: ((هذا لكم، ولمن أتى مِن بعدكم إلى يوم القيامة))، فقال عمر بن الخطاب: "كَثُر خير الرَّب وطاب؛ أورده المنذري، وعزاه لابن المبارَك، وهو حسن.

وقال ابن سيرين: "كانوا يرجون في ذلك الموقف، حتى للحمل في بطن أمه"؛ أورده ابن عبدالبر في التَّمهيد، وقال مجاهد: "كانوا يرون: أنَّ الرحمة تنزل عند دفعة الإمام عشيةَ عرفة"؛ أورده ابن عبدالبر في التَّمهيد، وعن طَلْحة بن عبيدالله بن كُرَيز: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما رُؤي الشيطان يومًا هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلاَّ لما يرى فيه مِن تنزل الرَّحمة، وتجاوز الله عنِ الذُّنوب العظام؛ إلاَّ ما رأى يوم بدر، فإنه رأى جبريل - عليه السلام - يزع الملائكة»؛ رواه مالك في "المُوَطَّأ"، وحَسَّنه ابن عبدالبر.

أخي الحاج:
وحتى تحصل على هذا الفضْل العظيم، لا بُدَّ من فِعل الأسباب التي يُرجى بها العِتْق والمغفرة، ومنها:
1- حِفظ الجوارح عنِ المحَرَّمات في ذلك اليوم؛ وفي حديث ابن عباس، قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهنَّ، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجهه بيده من خلفه، وجعل الفتى يُلاحظ إليهنَّ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((ابنَ أخي، إنَّ هذا يومٌ مَن مَلك فيه سمعه وبصره ولسانه، غُفِر له))؛ رواه أبو يَعْلى، وهو صحيح، وصَحَّحه المنذري.

2- الإكثار منَ التهليل والتكبير والتلبية في هذا اليوم؛ ففي حديث ابن عمر قال: "غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منًى إلى عرفات، منَّا المُلَبِّي، ومنَّا المُكَبِّر"؛ رواه مسلم، وفي رواية: "فلا غداة عرفة"؛ رواه مسلم، وفي حديث أنس بن مالك: "كان يُهلُّ المُهِل منَّا، فلا يُنكر عليه، ويُكبِّر المكبِّر منَّا، فلا ينكر عليه"؛ رواه مسلم.

3- الإكثار منَ الدُّعاء بالمغفرة والعِتْق في هذا اليوم، فهذا الموقف: مشهدٌ عظيم، ويومٌ كريم، ليس في الدُّنيا مشهد أعظم منه؛ كما ذَكَرَ ذلك ابن تيميَّة، قال ابن تيميَّة: "وأمَّا توقيت الدُّعاء فيه، فليس فيه عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء موقَّت". اهـ.

وفي حديث أسامة بن زيد، قال: "كنتُ رديفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالتْ به ناقته، فسقط خطامها، فتناول الخطام بإحدى يديه، وهو رافع يده الأخرى"؛ رواه النَّسائي وغيره، وجَوَّده ابن حجر، وأما حديث: ((أفضل الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلتُ أنا والنَّبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له))؛ فرواه مالك في "الموطأ" من حديث طلحة بن عبيدالله بن كريز، قال عنه ابن عبدالبر وابن حجر: وهو مُرسل، ورواه التِّرمذي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا: ((خير الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))؛ وضعَّفه التِّرمذي، قال ابن القَيِّم: "وأسانيد هذه الأدعية فيها لِين". اهـ.

وقال العلوان: "الحديث ضعيف، ولا يصح إلاَّ مُرسلاً، وهذا قول أكابر أهل الحديث". اهـ. وأما ما ورد عنِ الصحابة، فعن عبدالله بن الحارث: أنَّ ابن عمر كان يرفع صوته عشية عرفة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم اهدنا بالهدى، وزَيِّنَّا بالتُّقى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، ثم يخفض صوته، ثم يقول: اللهُمَّ إنِّي أسألك من فضلك وعطائك رزقًا طيبًا مباركًا، اللهُمَّ إنك أمرت بالدعاء، وقضيتَ على نفسك بالإجابة، وإنك لا تخلف وعدك، ولا تكذب عهدك، اللهُمَّ ما أحببت من خير فحبِّبه إلينا ويسِّره لنا، وما كرهتَ من شر فكرِّهه إلينا وجنِّبناه، ولا تنزع منَّا الإسلام بعد إذ أعطيتنا"؛ رواه الطبراني في الدعاء، وجوده ابن تيميَّة.

فيوم عرفة - أخي الحاج - منَ الأيام الفاضلة التي تُجاب فيها الدعوات، وتُقال العَثَرات، قال ابن عبدالبر: "الدعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب". اهـ، فاحْرِص على الدُّعاء، وتفرَّغ للذِّكر والاستغفار، فطوبَى لعبدٍ فَقِه الدعاء في يوم الدعاء، ولعله أن يحظَى منَ الله - تعالى - بالمغفرة، والعتق منَ النار، وقد ذكر ابن رجب: أنَّ العتق منَ النار في يوم عرفة عام لجميع المسلمين؛ قال: "مَن وقف بعرفة ومَن لم يقف بها من أهل الأمصار". اهـ.

واحذر - أخي - منَ الذنوب التي تمنعُ المغفرة في هذا اليوم؛ إذ كيف تطمع في العتق من النار، وأنت مصرٌّ على الكبائر والذنوب؟! وكيف ترجو المغفرة، وأنت تبارِز الله بالمعاصي في هذا اليوم العظيم؟!

فاجأر إلى الله - عَزَّ وجل - واستقبلِ القبلة، وارفع يديك متَضَرِّعًا إلى ربك، معترفًا بتقصيرك في حقه، عازمًا على التوبة الصادقة.

4- الذُّل والانكسار بين يدي الله - عَزَّ وجل - فهو عنوان الإخلاص، وأحوالُ الصادقين تشهد بذلك؛ فهذا مطرّف بن عبدالله الشِّخِّير، وبكر المزني وقفا بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا تردَّ أهل الموقف من أجلي، وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله، لولا أني فيهم، وهذا الفُضَيل بن عياض واقف بعرفة والناس يدعون، وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة، قد حال البكاء بينه وبين الدعاء، فلما كادتِ الشمس أن تغربَ، رَفَع رأسه إلى السماء، وقال: واسوأتاه منك، وإن عفوت! ودعا بعض العارفين بعرفة، فقال: اللهُمَّ إن كنتَ لم تقبل حجي وتعبي ونصبي، فلا تحرمني أجر المصيبة على تَرْكك القبول مني، وقال ابن المبارك: جئتُ إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تهملان، فقلتُ له: مَن أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أنَّ الله لا يغفر له.

أيها الحجيج:
وعما قليل يقفُ إخوانكم بعرفة في ذلك الموقف، فهنيئًا لِمَن رَزَقَه الله الوقوف بعرفة، بجوار قوم يجأرون إلى الله بقلوب محترقة، ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحبٍّ ألْهَبَه الشوقُ وأحرقه، وراجٍ أحسن الظنَّ بوعد الله وصدَّقه، وتائب أخلص الله في التوبة وصدقه، وهارب لجأ إلى باب الله وطرقه، فكم هنالك من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه، ومن أسير للأوزار فكه وأطلقه، وحينئذ، يطَّلعُ عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، ويدنو ثم يقول: ما أراد هؤلاء؟

فيا أخي، قمْ على بابه بالذُّل والانكسار، وارفعْ قصة ندمكَ، مرقومة على صحيفة خدِّك بمداد الدموع الغزار، وقل: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]، وقد دعا علي بن موسى بعرفة: "اللهُمَّ كما سترت عليَّ ما أعلم، فاغفر لي ما تعلمْ، وكما وسعني علمُكْ، فليسعني عفوك، وكما أكرمتَني بمعرفتك، فاشفعها بمغفرتك، يا ذا الجلال والإكرام".

خواطر من عرفات:
عرفاتُ، يا رمز الأمَّة والرِّسالة، عرفات، كم وقفتْ بساحتك جُمُوع، وسالتْ على ثراك دموع، وتعارفَ على راحتيك الناس، وذابتْ في محيطك الأجناس، وبورك مُنكسرٌ ورُد شديد المراس، كم تعانقتْ فوقك قلوب، وفُرجتْ على ثراك كُرُوب، ومحيت أوزارٌ، كمِ امتزجتْ فيك دموع المذنبين، وتعانقتْ أصوات المستغفرين، وتوحَّدتْ رغبات الراغبين، كم تجرَّدتْ فيك النِّيات، وسالتْ على جنباتكِ العَبَرات، وخشع أهل الأرض لخالق الأرض والسموات.

أيها المسلمون:
كم تغلي قلوب أعدائكم حقدًا! وكم عَضُّوا أناملهم غيظًا وحَسَدًا! {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 105]، هم يريدون أن يقطعوا دابِر الدِّين؛ كي تخور التقوى، ويُتَّبَع الهوى، وتعُم البلوى، كي لا يعز دين، ولا يقوى يقين، ولا يتم تمكين، كيف يُضْحي بأسنا بيننا شديدًا، وأملنا في العودة إلى المنبع الرائق بعيدًا؟!

أيها الأحباب:
إنَّ الذي أمركم بالتلبية فلبَّيتم، وبالحج فحججتم، وبالوقوف هنا فوقَفْتم - هو الذي قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال: 60]، وتسلحوا لهم بالتقوى، فمَن أراد غنى بغير مال، وعزًّا بغير جاهٍ، ومهابة بغير سلطان، فليَتَّق الله، فإن الله - عز وجل - يأبَى أن يذلَّ إلاَّ من عصاه.

وتذكروا جيدًا وصية نبيكم منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، يوم النحر في منًى، وهو يقول ويُقرِّر، ويوصي ويُحَذِّر: ((فإنَّ دمائكم وأموالكم عليكم حرام، كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلَّغت؟))، قالوا: نعم، قال: ((اللهُمَّ اشْهد، فليبلِّغِ الشاهدُ الغائب، فربَّ مبلَّغٍ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض))؛ رواه البخاري في صحيحه.

فاذكروا ذلك جيدًا، واعلموا أنَّ الأمَّة التي تعمل بالمعاصي، وتحيد عن أمر الله، تسقط وتنهار، ولستمْ - والله - أفضل من سعد بن أبي وقاص، بطل القادسية، المُبَشَّر بالجنة، السابق إلى الإسلام، ومع كل ذلك هذه وصية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - له، وهو متأهِّب للمسير إلى القادسية، حيث قال له: "يا سعد، لا يغرنَّك منَ الله أن قيل: خالُ رسول الله، وصاحب رسول الله، فإنَّ الله - عز وجل - لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكنه يمحو السيئة بالحسنة، يا سعد، إن الله ليس بينه وبين أحد نسبٌ إلا طاعته، فالناس جميعًا؛ شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالتَّقوى، ويُدركون ما عنده بالطاعة".

فكونوا - رحمكم الله - على المؤمنين قلوبًا صافية، وعلى أعداء دينكم أُسودًا ضارِية.

أنسيتُم - أيُّها الأحباب - غضبة رسولكم، حيث أقسم ألاَّ يبيتَ اليهودُ بالمدينة، وقد أنجز ذلك.

أنسيتم غضبة الهادئِ الوديع الساكن أبي بكر، حين زمْجَر، وقال: "واللهِ، لو منعوني عقالاً كانوا يؤدُّونهُ إلى رسول الله، لقاتلتهم عليه".

أنسيتُم غضْبة نور الدِّين، حينما وقع الأقصى أسيرًا في أيدي الصليبيَّة، فظلَّ حزينًا عابسًا، ولما سأله سائل: لِمَ لا تضحك؟ قال: "أستحي منَ الله أن أبتسم، والأقصى أسيرٌ في أيدي الأعداء".

والآن - أيها الأحباب - متى تُحَرِّكُنا مصاحف تُحْرَق، ومساجد تُهدم، وأعراض تُنتَهك، وأطفال أطهارٌ يُداسُون بالأقدام، ودموع في كلِّ زمان ومكان.
رُبَّ وَامُعْتَصِمَاهُ انْطَلَقَتْ مِلْءَ أَفْوَاهِ الصَّبَايَا اليُتَّمِ
لَامَسَتْ أَسْمَاعَهُمْ لَكِنَّهَا لَمْ تُلاَمِسْ نَخْوَةَ المُعْتَصِمِ


أيُّها الحجيج:
نريدها أمة جادَّة في القول والعمل، إن قالتْ فبِعلْم، وإن سالَمَتْ فبعلم، وإن حاربتْ فبعلم، وإن قرَّرت فبعلم، ليست عابثة ولا لاهية ولا غافِلة، يقول يحي بن معاذ - رحمه الله -: القلوب كالقدور، تغلي في الصدور، ومغارفها ألسنتها، فانتظر الرجل حتى يتكلَّم؛ فإنَّ لسانه يغترفُ لك مما في قلبه، من بين حُلوٍ وحامضٍ، وعذبٍ ومالح، يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه:

أَتُسْبَى المُسْلِمَاتُ بِكُلِّ ثَغْرٍ وَعَيْشُ المُسْلِمِينَ إِذًا يَطِيبُ
أَمَا لِلَّهِ وَالإِسْلاَمِ حَقٌّ يُدَافِعُ عَنْهُ شُبَّانٌ وَشِيبُ
فَقُلْ لِذَوِي البَصَائِرِ حَيْثُ كَانُوا أَجِيبُوا اللَّهَ وَيْحَكُمُ أَجِيبُوا


والحمد لله ربِّ العالمينَ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين.


م/ن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حياء انثى
مڜړﭬـﻪ ~ «
مڜړﭬـﻪ ~ «
حياء انثى


الجِــنْـسُ انثى
عَددُ المُساهماتِ عَددُ المُساهماتِ : 352
نٌـقـًـاط نٌـقـًـاط : 97088
السٌّمعَة السٌّمعَة : 31
تـًاريخٌ التِسجيلِ تـًاريخٌ التِسجيلِ : 05/01/2011

يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها   يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها Emptyالجمعة نوفمبر 02, 2012 12:00 pm

شكرا لك 1
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يوم عرفة:فضائله وأسباب تحصيلها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإعتكاف : فضائله - آدابه - أحكامه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محبة الله  :: [ .. المنتديات الاسلامية.. ] :: الدعوة الى الله-
انتقل الى: